محمد إبراهيم (الجزائر)

واصل آلاف الجزائريين، أمس الجمعة، التظاهر للأسبوع الثاني والعشرين للمطالبة بتنفيذ مطالب الحراك الشعبي التي يصر عليها منذ انطلاقه في 22 فبراير الماضي، وفي مقدمتها تنحي رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة عن المشهد السياسي، ومحاسبة الفاسدين منهم، وتطبيق المادتين 7 و8 من الدستور اللتين تنصان على أن السيادة للشعب.
وتجمع الآلاف في ساحة البريد المركزي، معقل الحراك الشعبي بوسط العاصمة، رغم حرارة الطقس الشديدة وامتدت مظاهراتهم إلى ساحتي موريس أودان والشهداء وشارعي ديدوش مراد وحسيبة بن بوعلي، فيما فرضت الشرطة طوقاً أمنياً حول المكان.
وللأسبوع الخامس على التوالي صادرت الشرطة عدداً من الأعلام الأمازيغية من المتظاهرين، تنفيذاً لأوامر الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري الذي حذر في وقت سابق من رفع أي أعلام غير العلم الجزائري في المظاهرات.
وكان الفريق قايد صالح قال في وقت سابق «إن للجزائر علماً واحداً استشهد من أجله ملايين الشهداء، وراية واحدة هي الوحيدة التي تمثل رمز سيادة الجزائر واستقلالها ووحدتها الترابية والشعبية، فلا مجال للتلاعب بمشاعر الشعب الجزائري»، موضحاً أنه تم إصدار أوامر صارمة وتعليمات لقوات الأمن من أجل التطبيق الصارم والدقيق للقوانين السارية المفعول والتصدي لكل من يحاول مرة أخرى المساس بمشاعر الجزائريين في هذا المجال الحساس.
وأقامت قوات الدرك الوطني (تابعة للجيش) حواجز أمنية للتفتيش على مداخل الجزائر العاصمة وعلى الطرق السريعة داخلها للتدقيق في هويات راكبي السيارات مما أدى إلى زحام مروري.
وفي تقليد أسبوعي، أوقفت الجزائر العاصمة أمس حركة المواصلات العامة لمترو الأنفاق والترام وقطارات الضواحي والخطوط الطويلة نحو شرق وغرب البلاد، فيما سكب مجهولون زيت محركات السيارات حول مداخل محطات المترو بساحة البريد المركزي، لمنع المتظاهرين من الوقوف أو الجلوس عليها.
واحتفل المتظاهرون بتأهل منتخب بلادهم إلى المباراة النهائية لبطولة كأس الأمم الأفريقية التي أقيمت الليلة الماضية، حيث ارتدى عدد كبير من المتظاهرين قمصان المنتخب الجزائري، وبدلاً من الانصراف في السادسة مساء ككل جمعة تجمع المتظاهرون لمشاهدة المباراة النهائية بين منتخب بلادهم ونظيره السنغالي في الساحات العامة والشوارع.
ومع تقدم المنتخب الجزائري في أدوار البطولة خفت حدة الاحتقان السياسي الذي تعاني منه الجزائر منذ فبراير الماضي، حيث تعيش البلاد أجواء احتفالية يخرج فيها الآلاف إلى الشوارع للاحتفال، كما شهدت سوق الملابس الرياضية انتعاشة، وأنتج فنانون أغاني خاصة بهذه المناسبة.
ولم تضيع الحكومة الفرصة وانخرطت هي الأخرى في الزخم الرياضي الذي يشهده الشارع الجزائري حيث خصصت جسراً جوياً يضم 30 طائرة لنقل المشجعين إلى مصر، وتحملت نفقات تذاكر المباراة لهم عبر السفارة الجزائرية في العاصمة المصرية، التي وصل إليها الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح أول أمس في أول زيارة خارجية له لحضور المباراة وتحفيز اللاعبين للفوز باللقب الأفريقي.
وعلى مستوى وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، فلا حديث سوى عن منتخب كرة القدم، حتى إن مقدمي نشرات الأخبار في التلفزيون الحكومي المعروف برصانته، تخلوا عن البزات التقليدية وارتدوا قمصان المنتخب الجزائري خلال تقديم النشرات.